منتديات إفادة المغربية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات إفادة المغربية

مرحبا بكم منتديات إفادة المغربية .... جميعا قلب واحد من أجل غد أفضل ..!


    تعدد الزوجات

    farida
    farida
    عضو ممتاز
    عضو ممتاز


    تعدد الزوجات Empty تعدد الزوجات

    مُساهمة من طرف farida الثلاثاء 21 يناير 2014 - 10:59

    ربما كانت قضية تعدد الزوجات أكثر القضايا التي استخدمت في نقد التشريع الإسلامي. وإذا تجاوزنا النقد ذي الهدف السياسي أو العدائي للإسلام فالملاحظ أن نقد هذا التنظيم نشأ ابتدأ في الغرب عند احتكاكه بالإسلام ومجتمعاته، وسرى إلى المنتسبين للإسلام من ناقصي العقل والدين، وفيما يتعلق بالغربيين فإن الأمر يظهر تفسيره في الموروث الثقافي CULTURE الغربي، المستمد من التقاليد المسيحية التي ترى أن الزواج في ذاته ليس مرغوباً باعتباره يخفض درجة الإنسان في سُلَّم السُّمو الروحي، أما بالنسبة لغير الغربيين لا سيما من المنتسبين للإسلام فإن الأمر يرجع إلى التقليد الببغائي وإلى النظر إلى الغرب على أنه مقياس للقيم وفلسفة الحياة. بمعنى أن الأساس لهذا النقد، والنظرة السلبية لنظام تعدد الزوجات ليس هو التفكير العقلاني، والموضوعي، والخبرة العملية بما يصلح البشر وتسعد به المجتمعات، وإنما أساسه مجرد الهوى والعاطفة الصادرين عن الموروثات الثقافية، ولو تأمل الإنسان التنظيم الإسلامي لتعدد الزوجات بموضوعية وتجرد عن الهوى الجامح والعاطفة الطائشة ولو تأمله في ضوء الواقع والتجربة البشرية والموازنة بين المصالح والمفاسد لظهر له ليس فقط أن هذا التنظيم صالح للمجتمع بل إن المجتمع لا يصلح بدونه. بل يظهر له على خلاف ما يظن الناس أن هذا التنظيم يحقق مصلحة المرأة قبل مصلحة الرجل. توضيح ذلك: أن الآية الكريمة التي شرعت هذا التنظيم الحكيم تجرى هكذا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} [النساء:3]. وواضح من النص أن عدل المجتمع في اليتامى يمكن أن يتحقق في المجتمع الذى يسمح بوجود تعدد الزوجات، بل وقد أثبت الواقع والتجربة العملية والتاريخ أنه لا يتحقق بدون ذلك.


    إن المجتمع لا يحقق العدل في اليتيم بوضعه في ملجأ للأيتام أو تأمين حاجاته المادية من غذاء ودواء ولباس ومسكن إذ أن لليتيم وراء ذلك حاجاتٍ عاطفيةٍ ونفسيةٍ لا تتحقق إلَّا بوجود أبٍّ بديل وجوٍ أُسريٍّ بديل، وهذا لا يتحقق إلَّا إذا تزوجت أُمُّه، وهذا إنما يضمن عندما يُوجد اليتيم وأُمُّه في مجتمع يوفر فرصة أكبر لزواج أُمُّ الأيتام، أي في مجتمع يكثر فيه الطلب على النساء لأجل الزواج ويقل العرض، وهذا إنما يتحقق في مجتمع يشيع فيه نظام تعدد الزوجات.

    وهذا المعنى يهدينا وينبهنا إلى المصلحة الاجتماعية التي يحققها نظام تعدد الزوجات. توضيح هذا الأمر الأخير، أن للمرأة حاجات أساسية ومن ثم حقوقاً في ضمان هذه الحاجات. وهذه الحقوق التي يعترف بها الإسلام ويهتم بالوفاء بها تتجاوز الحقوق التي تضمنتها الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان، ونعني بالحقوق التي تتجاوز الوثيقة حق المرأة في الأمومة، وفى الزواج بالتصور الإسلامي للزواج، وهو التصور الذي يجعل غاية الزواج السكن المتبادل بين الزوجين بما تحتمل هذه الكلمة من معاني واسعة تشمل الأمن والراحة والمتعة والتحرر من القلق إلى غير ذلك من المشاعر، التصور الذي يتغيا تبادل المودة والرحمة، وتوفير المحضن السليم للنشأة السليمة. وحقها في أن يكون لها بيت تكون مليكته وتتهيأ لها فيه ممارسة وظائفها الطبيعية التي بانتقاصها ينتقص المعني الحقيقي لحياة المرأة. إذا تأملنا ما سبق أدركنا مدى الظلم والإجحاف الذي يلحق بالمرأة إذا عاشت في مجتمع يحدد بالتقاليد أو بالقانون فرصتها في الحصول على الحقوق المذكورة، ولا شك أن المجتمع الذي يقل فيه طلب الرجال على النساء كما في المجتمعات التي يتحدد فيها تعدد الزوجات تتحدد فيه فرصة المرأة في الحصول على تلك الحقوق، والواقع شاهد على ذلك.

    من ناحية أخرى، فإن المجتمع الذي يتحدد فيه تعدد الزوجات ومن ثم تتحدد فيه فرصه المرأة في الزواج يصبح فيه الطلاق بالنسبة للزوجة شبحاً مرعباً لأنها تَعلم أنها بالطلاق سوف تَفقد حقوقها التي حصلت عليها بالزواج أي الحقوق والاحتياجات المشار إليها فيما سبق، وسوف يكون من الصعب عليها التعويض بزواج آخر في مجتمع تتحدد فيه فرص المرأة في الزواج. وهذا الوضع يحمل المرأة على الصبر على ظلم زوجها لها وتقييد قدرتها على التحرر من اضطهاده ويهيئ الفرصة لنشؤ وترسيخ عادات من ظلمِ الزوجات في المجتمع وتظهر هذه الصورة واضحة عند المقارنة بين مجتمعات شبه القارة الهندية حيث تُقيد التقاليد تَعدد الزوجات، ومجتمعات غرب أفريقيا حيث يشيع تعدد الزوجات.

    ليس أوضح في الدلالة على أن الغرب في نظرته السلبية تجاه تعدد الزوجات يقاد بالهوى والعاطفة وغلبة الموروث الثقافي، وليس بالتفكير المنطقي أو الاختبار العملي للمصالح، ليس أوضح في الدلالة على ذلك من أن الغرب يقبل قانونًا وسلوكًا اجتماعياً، أن تقوم خارج العلاقة الزوجية علاقة بين الزوج وامرأة أخرى -خليلة أو أكثر- تماثل علاقة الزوجية في كل شيءٍ عدا انعدام العقد الشكلي للزواج وعدا أن الخليلة أو ثمرة علاقة الزوج بها أي الأولاد محرومون من الحقوق التي يضمنها القانون للزوجة الشرعية والأولاد الشرعيين باستثناء ما يحاول القانون بين حالة وأخرى ووقت وآخر أن يعالجه.

    ومن ناحية أخرى فليس هناك ما يدل على رفض الغرب لتعدد الزوجات أو الأزواج في حالات الزواج الجنسي الشاذ زواج اللوطيين والسحاقيات الذي شاع واعتبر قانونيًا في عدد من بلدان الغرب. وكل ما سبق يدل على أن نظرة الغرب لتعدد الزوجات ليست مبنية على أساس من المنطق أو المصلحة الاجتماعية، وإنما على مجرد الموروث الثقافي. ولذا فإن من الحمق أن مجتمعًا كالمجتمعات الإسلامية، ليس له هذا الموروث الثقافي، يأخذ نتيجته تقليداً أعمى، وظنًا بأن هذه النتيجة موجب التفكير الموضوعي السليم. لا شك أن لتعدد الزوجات سلبيات كأي نظام من شؤون الحياة، وحتى الزواج بواحدة له سلبيات، ولا شك إنه لا أكره للزوجة في الغالب من أن يتزوج زوجها عليها، ولكن النظم الاجتماعية، الصالحة لا تُبنى على عواطف الرغبة والكراهية، وإنما تُبنى على المنطق والمصلحة العملية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل 2024 - 6:21