منتديات إفادة المغربية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات إفادة المغربية

مرحبا بكم منتديات إفادة المغربية .... جميعا قلب واحد من أجل غد أفضل ..!


    ضرب الزوجات

    farida
    farida
    عضو ممتاز
    عضو ممتاز


     ضرب الزوجات Empty ضرب الزوجات

    مُساهمة من طرف farida الثلاثاء 21 يناير 2014 - 10:58

    الضرب كما يوحى به اللفظ نوع من أنواع العنف تجاه الزوجات، ويعتبر لذلك من الأمراض الاجتماعية، ولذلك يحمل هذا اللفظ من الإيحاءات شحنة من المشاعر السلبية ضده. وبسبب ذلك فكثيراً ما تقفز هذه الصورة المكروهة إلى ذهن من يقرأ الآية الكريمة {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ} [النساء:34]، إذا لم يكن لدى القارئ علم سابق بطبيعة هذا الحكم في الآية الكريمة وحكمته، وأنه لا صلة له بالعنف ضد الزوجات، الذي يعتبر مشكلة في العلاقات الزوجية، وإنما هو في الآية الكريمة على العكس من ذلك ذو طبيعة مختلفة والهدف منه علاج مشكلة جدية من مشاكل العلاقات الزوجية.


    توضيح ذلك فيما يأتي:
    إلى جانب الآية الكريمة في [النساء:34] {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} توجد في السورة نفسها آية أخرى تتضمن حكما مقابلاً {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا}. واضح أن الآية الأولى تعالج نشوز الزوجة باعتباره مشكلة في العلاقة الزوجية، وأن الآية الثانية تعالج نشوز الزوج باعتباره أيضا مشكلة في العلاقة الزوجية، ويكون العلاج في الحالتين بإجراء يناسب كلا من المشكلتين في الحالة الأولى تعالج المشكلة بالوعظ والهجران والضرب غير المبرح وفي الحالة الثانية تعالج بالخلع.

    والنشوز في اللغة الارتفاع والعلو، والاستعلاء في العلاقات الإنسانية أمر مكروه للشارع الحكيم وقد قرن العلو بالفساد في الأرض في أكثر من آية قال الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء:4]، وقال الله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الارْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4]، وقال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخرة نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرض وَلا فَسَادًا} [القصص:83]. يوضح ما سبق قراءة الآية الكريمة: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} في سياق ما قبلها وما بعدها. فالآية قبلها {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} وتجئ بعدها مباشرة الآية الكريمة {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.


    واضح من السياق أن النص الكريم {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} الآية ينظم حالة في العلاقة الزوجية تنشأ في مرحلة قبل مرحلة الشقاق بين الزوجين التي نظمت بالآية التالية {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} أي أن النص الكريم ينظم مرحلة في العلاقة الزوجية تكون المرأة فيها راغبة في البقاء مع زوجها ولم تبلغ المرحلة من الشقاق التي ترغب المرأة فيها فراق زوجها علاجاً للشقاق بينهما. وواضح من السياق ومن النصوص الحديثية أن الضرب المذكور في النص من ناحية الهدف منه ومن ناحية طبيعته لا صلة له بالعنف تجاه الزوجات فهو علاج لحالة نفسية، وطبيعته رمزية، وليس للإيلام أو الأذى أو العدوان أو إساءة استعمال السلطة ABUSE، وبتأمل النص، واستقراء طبيعة النفس البشرية، واستبطان سايكولوجية الإنسان تتضح الحكمة من هذا الإجراء المتدرج في علاج الاستعلاء على القيادة في المجتمع الصغير، الأسرة حيث يبدأ بالوعظ وبيان الخطأ، ثم الهجران في المضجع فإذا فشل هذان الإجراءان جاء الإجراء الأخير.

    الضرب الرمزي، ليطامن من غلواء النفس وجنوحها للاستعلاء على القيادة والخروج عن مقتضيات السلوك السليم المطلوب لاستقرار الأسرة وانتظام سيرها. ومع انه ليس من الممكن دائما أن يحيط الإنسان بكل الحكمة لأوامر الله الحكيم العليم الخبير، مهما بلغ غرور الإنسان ونسيانه محدودية علمه وخبرته {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:216]؛ إلَّا أن مَا ظهر من حكمة هذا التشريع كافٍ للرد على شَغب الجاهلين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس 2024 - 8:27