بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا أنا موجود؟
هذا سؤال منطقي وواقعي، لا بد لكل إنسان أن يسألَه لنفسه: لماذا أنا موجود؟
وما هو السرُّ والحكمة في ذلك؟
وجوابُ هذا السؤال يمثل الحافزَ الحقيقي للفرد، الحافز الذي سيدفعه لوضعِ أهدافه، وبناءِ ذاته وَفْقَها، وتحديد طريقه في الحياة، ثم يضعُ بعد ذلك الخطط اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ثم ينفذ هذه الخططَ بحزم وجدٍّ ومثابرة.
ومن الواجب أن يعرفَ الجميعُ جوابَ هذا السؤال المهم، وهو:
أنا موجودٌ من أجل وظيفتين:
أولهما: أن أعبدَ الله - جل جلاله-.
والأخرى: أني خليفةٌ في الأرض، وقد وضَعني إلهي وربي الذي خلَقني وكرَّمني وفضَّلني بوظيفة الخليفة في الأرض، وأنا أتعبَّده - جل جلاله - بهذه الوظيفة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة: 30].ويقعُ على عاتقي ما يقع على الخليفة من مهامَّ، وإنها "الخلافة" هي جزءٌ من منظومة العبادة التي خلَقني الله -جل جلاله- من أجلها؛ حيث يقول الله -عز وجل-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
إنَّ المهمة إذًا كبيرة جدًّا، وتحتاج إزاء ذلك إلى تفكير راقٍ، وبمستوًى عالٍ، وعمل دؤوب، وعزيمة لا تلينُ، كما يحتاج المرءُ إلى أن يحدِّد أهدافًا راقية، لا تتعلق بشخصه فحسب، ولكن بأبناء جنسه، وبكلِّ من حوله، حتى المخلوقات الأخرى، حيةً كانت أم غير حية، وهذا هو جزءٌ من دوره، ووجود الفرد كخليفةٍ يقتضي أن تكون له رسالةٌ راقية يوصلها للناس.
و(الرسالةُ تُعنَى بفلسفة الفرد في حياته، وهي بلورة للغايةِ التي يعيش من أجلها، والأولويات العليا التي يريد تحقيقَها؛ لذلك مثل الرسالة كمثل البوصلة التي توجِّه مسيرةَ الفرد بالاتجاه الصحيح، ولا عبرة للاهتمام بالوقت، وحُسن إدارته، والمحافظة عليه، ما لم يكن هناك غايةٌ يُغتنم الوقتُ لتحقيقها؛ لذلك نرى أن الذين يحيَوْنَ لغير رسالة هم أضيعُ الناس لعمرهم)[1].
وأي غاية أسمى وأعظم من الوصول لرضا الله - جل جلاله - وتحقيق ما يأمُرُ به، وتنفيذ ما أنزله مِن أجلنا؟ فهذه أسمى الغايات، وأرفعُ المطالب؛ فالفرد حين تكونُ هذه غايتَه ستوجِّه كلَّ أفعاله بوصلةٌ واحدة لا غير، هي أوامرُ ونواهي الله - جل جلاله.
كيف تكون مواصفاتي؟
لَمَّا كنتُ أنا الخليفة الذي سيقوم ببناء الأرض وإعمارها، واستثمار مواردها، وإدارة شؤونها، كان لا بد أن أتمتَّعَ بمجموعة من المزايا والمواصفات التي تؤهِّلني لأداء تلك المهمة الكبيرة، فإن توفرت هذه المواصفات، فسأحافظ عليها، وأُنمِّيها وأُغذِّيها، وإن غابت عني، فإني سأسعى لاكتسابِها وممارستها وتطويرها.ومن هذه المواصفات:
1- الإيمان المطلق بالله -سبحانه وتعالى-:
والإيمان جزء لا يتجزَّأ عن روح وعقل وجسد الإنسان العاقل؛ فالإيمان هو المغذي الحقيقي، والدافعُ الذاتي، والمحفِّز الدائم للفرد للقيام بواجباته على نحوٍ صحيح وإيجابي في هذه الحياة، والإيمانُ المطلوب هو إيمان اليقين، النابع من القلب، والساكن شغافه، والذي يترجم أعمالاً رائعة، وليس إيمان الادِّعاء والقول.
لقد سَألَ يومًا محمدُ ابن الحنفية - رحمه الله - والدَه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "أبو بكر"[2].
ولم تأتِ هنا أفضلية وخيرية أبي بكر الصِّديق - رضي الله عنه - على الآخَرين عند عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - مثلما هو عند الناس كافة إلا مِن حَجْم وقدرِ وصِدق إيمانه - رضي الله عنه - ويفسِّر لنا عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - العلة التي دعت عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - لوضع أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بهذه المكانة، فيقول عمر - رضي الله عنه -: "لو وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ بإيمان أهل الأرض، لرجَح بهم، ليتني شعرة في صدر أبي بكر"[3].
إنَّ الإيمان هو الضمانةُ والحصانة للفرد أثناء مسيرته في هذه الدنيا؛ فهو يُعيده حين ينحرف، ويذكِّره حين ينسى، ويصحِّح له حين يخطئُ، ويبعث في نفسه التفاؤل حين ييئسُ، وهو الأمل عند الحرج، واليقين عند التردد، والمَنَعَة عند الضعف، والفرَجُ عند الضيق؛ فهو في حقيقته النورُ الساطع الذي يهدي الفردَ لطريقه.
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثلُ المؤمنِ ومثل الإيمان كمثل الفرسِ في آخيتِهِ[4]، يجول ثم يرجع إلى آخيته، وإنَّ المؤمنَ يسهو ثم يرجع إلى الإيمان، فأطعِموا طعامكم الأتقياءَ، وولوا معروفَكم المؤمنين))[5].
ويقول أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "الإيمانُ يبدو نقطة بيضاءَ في القلب، كلما ازداد الإيمانُ، ازداد ذلك البياضُ، فإذا استكمل الإيمان، ابيضَّ القلبُ كله، وإن النفاق ليبدو نقطة سوداءَ في القلب، كلما ازداد النفاقُ، ازداد السواد، فإذا استكمل النفاق، اسودَّ القلب كلُّه"[6]، يقول الشاعر:
والمرءُ مَن رَفعتْ له أعمالهُ *** قدرًا على النظراءِ والأقرانِ
فله السَّجايا الغرُّ والأدبُ الذي *** يَزدانُ بالإغراقِ في الإيمانِ
ومن مقوماتِ الإيمان: حُسنُ التوكلِ على الله - جل جلاله - فإذا استطاع الفردُ أن يُحسِنَ توكله على الله - جل جلاله - فإنه يضَعُ نفسَه تحت تصرُّف الله - جل جلاله - وإن الله - جل جلاله - سيكفيه الحاجةَ من الآخرين، ومن الوجوه كافة؛ يقول الله - جل في علاه -: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 3]، ومعنى: (فَهُوَ حَسْبُهُ): أي: كافيه.
ويقول وهب بن منبه -رحمه الله-: "الإيمانُ قائد، والعمل سائق، والنفسُ حَرونٌ بينهما، فإذا قاد القائدُ، ولم يسُقِ السائقُ، لم يُغْنِ ذلك شيئًا، وإذا ساق السائقُ تبِعها النفس طوعًا أو كرهًا"[7]2- قويٌّ في الحق، وواثقٌ من نفسي ومقدام:
الحقُّ من أجمل الأشياء في هذه الدنيا؛ ولهذا سمَّى الله - جل جلاله - نفسه "الحق"، وسَمَّى ما أنزل لنا - جل جلاله - من لدنه على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، وهو القرآن الكريم، وجعله الفارقَ بين الصواب والخطأ، وبين الحقيقة والوهم، إلا أنه مُرٌّ على الناس، وإنَّ قول الحق من أهمِّ الواجبات، يقول الصحابي أبو ذرٍّ الغفاريُّ - رضي الله عنه -: "....وأوصاني - صلى الله عليه وسلم - أنْ أقولَ الحقَّ وإنْ كان مُرًّا"[8].
وقد يخسر الفردُ بعضَ مَن حوله من جراء ذلك، فعليه أن يكون رفيقًا في قول الحق، جميلاً به، وحين لا يقدِّر الآخرون قول الحق ولا يَقبَلونه، فلا بأسَ عند ذلك في أن نخسرَهم من غيرِ أسفٍ عليهم؛ لأن الحقَّ أَوْلى أن يُتَّبع، ولا يَتبَعُ الحقُّ رغباتِ عامةِ الناس وأهواءَهم؛ يقول أحد الصالحين: " ما أبقى لنا الحقُّ مِن صاحبٍ "، ويقول الشاعر:
كفى بالَّذي يَلوي عَنِ الحقِّ أنَّهُ *** تَعَامَى فَلَمَّا أنْ رأى رُشْدَهُ عَمِي
أقولُ وقولُ الحقِّ يَطرُقُ خَاطِرِي *** إذًا وَلِسَانُ الصِّدق ينطِقُ في فمِي
3- ذو عقلية ناضجة وابتكارية:
وصاحب العقلية الناضجة هو الذي يُحكِّم عقلَه وليس عاطفته في الحُكم على الأمور، وفي اتخاذ قراراته، فتجده واقعيًّا لا تجنح به أحلامه وطموحاته خارج الإمكانات المتوفرة، ويستمع للنصائح المقدَّمة من الآخرين، بل ويطلبها، يبتغي الحكمة ولا ينظُر من أين جاءت، هي مبتغاه فحسب، لقد وصَف الله - جل جلاله - من لا يستخدمون عقولهم بالطريقة المطلوبة بالدوابِّ الضالة، بل هم عند الله - جل جلاله - مِن شرِّ الدواب بقوله - جل جلاله -: ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) [الأنفال: 22]، وللبحث عن خصال العاقل وصِفَتِهِ، وعن خصالِ الجاهل وصفته، فإننا نجدُها في كلام أحد الحكماء الذي يقول:
"صفة العاقل:
• أن يحلُمَ عمن جهِل عليه.
• ويتجاوز عمن ظلَمه.
• ويتواضع لمن هو دونه.
• ويسابق من هو فوقه في طلب البِرِّ.
• وإذا أراد أن يتكلَّم، فكَّر؛ فإذا كان خيرًا، تكلَّم فغَنِم.
• وإن كان شرًّا، سكَت فسلِم.• وإذا عرَضت له فتنةٌ، استعصَم باللهِ، فأمسَك يدَه ولسانه.
• وإذا رأى فضيلةً، انتهزها.
• لا يفارقُه الحياء.
• ولا يَبدُوَنَّ منه الحرص، فتلك عشرُ خصالٍ، يُعرَف بها العاقل.
وصفة الجاهل:
• أن يظلِمَ مَن يخالطُه.
• ويعتدي على مَن هو دونه.
• ويتطاول على مَن هو فوقه.
• كلامُه بغير تدبُّر؛ فإن تكلَّم، أثِم، وإن سكَت، سها.
• وإن عرَضت له فتنةٌ، سارَع إليها فأَرْدَتْه.
• وإن رأى فضيلةً، أعرَض عنها، وأبطأ عنها.
• لا يُخفي ذنوبَه القديمة.
• ولا يرتدعُ فيما يبقى مِن عمره عن الذُّنوب.
• مُتَوَانٍ عن البِرِّ.
• متبطِّئٌ عنه، غير مكترث لِما فاته من ذلك، أو ضيَّعه، فتلك عشرُ خِصالٍ من صفة الجاهل الذي حُرِم العقل".
4- متميز في التعامل مع الأزمات:والأزمات تحديدًا لا يصمُد أمامها ضعيفُ الهمَّة؛ لذلك فإنَّ مَن يمتلك نَفَسًا طويلاً في الصبر على الأزمات هو المتميزُ فيها؛ لأن غيرَه تغلِبُ عليه العاطفة، فيبتعد عن الحقِّ، ويسيطر عليه الخوفُ.
عن أم المؤمنين عائشةَ بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "لما كان يوم أُحُدٍ هُزم المشركون، فصاح إبليس: أيْ عبادَ الله، أخراكم، فرجَعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظَر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمانِ، فقال: أيْ عباد الله، أبي أبي، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفةُ: غفَر الله لكم، قال عروة: فما زالت في حذيفةَ منه بقيةُ خيرٍ حتى لحِق بالله"[9].
لقد كان حذيفةُ بن اليَمَان - رضي الله عنهما - تحت أزمة شديدة؛ فأصدقاؤه يقتُلون أباه خطأً، ولكنه تصرَّف تصرُّف العاقل المتَّزن في أزمة شديدة، فلم يَنْهَرْ أمام المشهد المؤلم الذي حدَث (عن غير قصد)، ولم يقُل لهم أكثرَ مِن: غفَر اللهُ لكم.
والفرد المتميز في الأزمات هو القادرُ على إنتاج الأفكار الجديدة بما يناسب الحالَ، وبفترة زمنية مناسبة، ويلعب عاملُ السرعة دورًا مهمًّا في القضية، ففي الأزمات لن يكونَ من المُجدي فقط أن تجدَ حلاًّ، ولكن ينبغي أن يُقدَّم الحلُ على وجه السرعة، وبفترة زمنية قياسية.
5- مؤمن بالعمل مع فريق:
"إن التعامل مع الآخرين في فريقِ عملٍ واحد لا يعني إطلاقًا تقديمَ تنازلات أو تضحيات أو تحمُّل أعباء بشكل منفردٍ دون الآخرين، بحيث تنقص من اعتداد الشخص بنفسه، وتقلِّل من شأنه، بل توزَّع كلُّ هذه على الجميع، كلٌّ حسَب مكانته في الفريق، فكلما كانت المكانةُ رفيعة، كانت حصتُها من التنازلات والتضحيات أكبرَ، وبذلك يكون قائدُ الفريق أولَ وأكثَر المضحِّين، كما أنه ليس المطلوب أن يقدِّمَ كلُّ عضوٍ في الفريق ما عليه فحسب، ولكن المطلوب التفاعل البنَّاء والتعاون والتكامل مع الآخرين بصورة أكثرَ فاعلية"[10].
كما أنَّ المطلوب هو التعاونُ الحقيقي، وليس الشكليَّ بين أعضاء الفريق، وهو أمرٌ في غاية الأهمية، وفريقُ العمل يقومُ على مجموعة من العناصر التي تمثِّل الأسسَ المتينة في بنائه، وهذه العناصرُ ترتبط فيما بينها ارتباطًا وثيقًا، والمفروض أن يكون هذا الارتباطُ إيجابيًّا وليس سلبيًّا؛ فالارتباط الإيجابي من شأنه تحقيقُ تقدُّم ونجاح في نتائج العمل، وبالعكس، وكلُّ عنصر من عناصر الفريق على حدة له مميزاته وخصوصياته التي تعطي للعناصر الأخرى خارطةَ طريقٍ للتعامل معه.6- مراقبٌ ومُتابع لنفسي:
والمراقبة الشخصية الذاتية من أصعبِ المهام في مسيرة بناء الذات للفرد؛ فالإنسان في طبيعته متعصِّب لرؤيته، منتصر لمعتقده، معتدٌّ بنفسه، وهي أحبُّ ما في الكون عنده، يرى دائمًا أنها على حق، وغيرها على غير ذلك؛ لذلك ومن هذا المنطق كانت العمليةُ شاقةً وصعبة.
وبغير المراقبة والمتابعة يفقد المرءُ زمام نفسه، فتجنَح النفسُ مع هواها، فتكون في أخطرِ المراحل؛ ولهذا فإن اللهَ - جل جلاله - يُحذِّر أنبياءَه من الهوى لخطورته، فهو يقول - جل جلاله -: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [ص: 26].
وأهمُّ ما في هذا الباب: أن يراقب الفردُ نفسه كأنه إنسان آخر، فينظر إلى عيوبها، وتقصيرها، وقلة إدراكها للأمور، وأخطائها في قراراتها، ولا يفعل شيئًا - مهما كان صغيرًا - وهو يعيبهُ على الآخرين، وهنا لا بد من أن (ينتصر الفردُ بداخله) على هذه الأمورِ، وإلا فسيهزم، وفي عملية المراقبة لا بد من استحضار الإدانة للنفس عند الخطأ، وليس إيجاد التبريرات للأخطاء، أو التقصير بشكل دائم.
يقول أحدُ الحكماء في هذا الباب: "لا يكون الرجلُ تقيًّا حتى يحاسب نفسَه أشدَّ من محاسبة الرجل شريكه، حتى ينظُر مِن أين مطعمُه، ومشرَبُه، ومكسبه".
ويقول الإمام الشافعي:
إذا رُمتَ أن تَحيا سَليمًا مِنَ الرَّدى *** ودِينُكَ مَوفورٌ وعِرضُكَ صَيِّنُ
فَلا يَنطِقَنْ مِنكَ اللِّسانُ بِسَوْءَةٍ *** فَكُلُّكَ سَوءاتٌ ولِلناسِ أَلسُنُ
وَعَيناكَ إن أَبدَتْ إليكَ مَعائِبًا *** فدَعْها وَقُل: يا عَينُ، للناسِ أَعيُنُ
وَعاشِرْ بِمَعروفٍ وَسامِحْ مَنِ اعتَدى *** ودافِعْ وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ7- متعلم من التجارِب:
والتجارِبُ هي حصيلةُ جهد السنين، وتعب العمر، وخاصة التجارِب المريرة منها، تقول إحدى بنات حواء: "قلادتي المرصَّعة بالماس التجاربُ والمعاناة الواحدة تلو الأخرى كحباتِ ماس نادرة أضَعُها هنا معًا؛ كي أصنَعَ قلادتي التي سوف أقتنيها مدى الحياة؛ فإن لتلك الماساتِ بريقًا سوف يتلألأ فقط لكل مَن يقتربُ منهن، وصاحبةُ هذه الكلمات الجميلة تؤمن بأن الألم يرقِّق القلوب، ويرهف الإحساس، ويُظهِر شفافيةَ النفوس وصفاءَها.
لذلك؛ فإن التجارِبَ والمعاناة كقِطَع الماس المتلألئة، والتي يجبُ علينا أن نحافظَ عليها مدى الحياة، وإن الإنسانَ الذي استطاع أن يمرَّ بتجارِبَ كثيرة، ويتغلَّب عليها، فسيمتلك الكثير من الماسات، ويومًا ما سيكون قادرًا على صُنع قلادة يتلألأ بريقُها"[11].
ومن هنا كان المبدأ الذي أقره رسولُ الله محمد - صلى الله عليه وسلم - في التعلُّم من التجارِبِ؛ حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحر واحد مرتين))[12]، يقول محمد الغلامي:
بَدَا مِنْ نَداهُ للوفودِ رَغَائِبُ *** ومِنْ حَزمِهِ تَبدو صُنوفُ غَرائِبِ
بحُسنِ التَّواني نَال عِزًّا مُكَمَّلاً *** وما كُلُّ ماضٍ في الأمورِ بصائبِ
بَلى هَذَّبتْهُ جَودةُ الرأيِ والنُّهى *** إذا هذَّبتْ شَخْصًا صروفُ التَّجارِبِفعن أبي ذرٍّ الغفاري - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بخصالٍ من الخير، أوصاني: ((بألا أنظرَ إلى مَن هو فوقي، وأن أنظُرَ إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين، والدنوِّ منهم، وأوصاني أن أصِلَ رَحِمي وإن أدْبَرَتْ، وأوصاني ألا أخافَ في الله لومةَ لائمٍ، وأوصاني أن أقولَ الحقَّ وإن كان مُرًّا، وأوصاني أن أُكثِرَ مِن قول: لا حولَ ولا قوة إلا بالله؛ فإنَّها كنز من كنوز الجنة))[13].
إنها وصايا عظيمة، وحِكَم بليغة، ومعانٍ كبيرةٌ، تتضمن:
• في أمور ممتلكات الدنيا؛ الأصل ألا ننظرَ لِمَن يمتلك أكثر منا؛ فهذا رزقُه، وهذا رزقنا، في حين نحن ملزمون بالنظر إلى مَن هو دوننا، فإن فعَلْنا ذلك أيقنَّا أننا في نعمةٍ وخير، ونحن أحسنُ مِن كثير من الناس، فنشكر الله على ذلك، ويستقر بالُنا ويستكين.
• نحبُّ المساكين ونقترب منهم؛ فعن أسامةَ بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قمتُ على باب الجنة، فإذا عامَّةُ مَن دخَلها المساكين، وإذا أصحابُ الجَدِّ[14] محبوسون، إلا أصحاب النار، فقد أُمِر بهم إلى النار، وقمتُ على باب النار، فإذا عامَّةُ مَن دخلها النساء))[15].
• عدم الخوف من شيء إلا مِن الله - جل جلاله - لأن كلَّ شيء متعلق بالله - جل جلاله - وهذا الأمرُ له علاقة بتحقيق التوحيد الذي هو المُنجِّي في نهاية الأمر، لقد رأيتُ في الناس مَن تملَّكه الخوفُ مِن كل شيء، حتى فسَدت عليه حياتُه.
• التواصل مع الأرحام (الأقارب) وإن كانوا من النوع المقاطع؛ فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلُهم ويقطعوني، وأُحسِنُ إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويجهَلون عليَّ، فقال: ((لئن كنتَ كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك مِن الله ظهيرٌ عليهم ما دُمْتَ على ذلك))[16].
• قول الحقِّ في كل الأحوال، ولو عاد عليك بالضررِ، أو جعَلك في حرَج، أو شعَرْتَ بالخسارة من جرَّاءِ ذلك.
• الإكثار من قول: "لا حولَ ولا قوة إلا بالله".
8- مواصفات أخرى عامة؛ كالصبرِ، والحِلم، وعدم الجزع:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا أنا موجود؟
هذا سؤال منطقي وواقعي، لا بد لكل إنسان أن يسألَه لنفسه: لماذا أنا موجود؟
وما هو السرُّ والحكمة في ذلك؟
وجوابُ هذا السؤال يمثل الحافزَ الحقيقي للفرد، الحافز الذي سيدفعه لوضعِ أهدافه، وبناءِ ذاته وَفْقَها، وتحديد طريقه في الحياة، ثم يضعُ بعد ذلك الخطط اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ثم ينفذ هذه الخططَ بحزم وجدٍّ ومثابرة.
ومن الواجب أن يعرفَ الجميعُ جوابَ هذا السؤال المهم، وهو:
أنا موجودٌ من أجل وظيفتين:
أولهما: أن أعبدَ الله - جل جلاله-.
والأخرى: أني خليفةٌ في الأرض، وقد وضَعني إلهي وربي الذي خلَقني وكرَّمني وفضَّلني بوظيفة الخليفة في الأرض، وأنا أتعبَّده - جل جلاله - بهذه الوظيفة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة: 30].ويقعُ على عاتقي ما يقع على الخليفة من مهامَّ، وإنها "الخلافة" هي جزءٌ من منظومة العبادة التي خلَقني الله -جل جلاله- من أجلها؛ حيث يقول الله -عز وجل-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
إنَّ المهمة إذًا كبيرة جدًّا، وتحتاج إزاء ذلك إلى تفكير راقٍ، وبمستوًى عالٍ، وعمل دؤوب، وعزيمة لا تلينُ، كما يحتاج المرءُ إلى أن يحدِّد أهدافًا راقية، لا تتعلق بشخصه فحسب، ولكن بأبناء جنسه، وبكلِّ من حوله، حتى المخلوقات الأخرى، حيةً كانت أم غير حية، وهذا هو جزءٌ من دوره، ووجود الفرد كخليفةٍ يقتضي أن تكون له رسالةٌ راقية يوصلها للناس.
و(الرسالةُ تُعنَى بفلسفة الفرد في حياته، وهي بلورة للغايةِ التي يعيش من أجلها، والأولويات العليا التي يريد تحقيقَها؛ لذلك مثل الرسالة كمثل البوصلة التي توجِّه مسيرةَ الفرد بالاتجاه الصحيح، ولا عبرة للاهتمام بالوقت، وحُسن إدارته، والمحافظة عليه، ما لم يكن هناك غايةٌ يُغتنم الوقتُ لتحقيقها؛ لذلك نرى أن الذين يحيَوْنَ لغير رسالة هم أضيعُ الناس لعمرهم)[1].
وأي غاية أسمى وأعظم من الوصول لرضا الله - جل جلاله - وتحقيق ما يأمُرُ به، وتنفيذ ما أنزله مِن أجلنا؟ فهذه أسمى الغايات، وأرفعُ المطالب؛ فالفرد حين تكونُ هذه غايتَه ستوجِّه كلَّ أفعاله بوصلةٌ واحدة لا غير، هي أوامرُ ونواهي الله - جل جلاله.
كيف تكون مواصفاتي؟
لَمَّا كنتُ أنا الخليفة الذي سيقوم ببناء الأرض وإعمارها، واستثمار مواردها، وإدارة شؤونها، كان لا بد أن أتمتَّعَ بمجموعة من المزايا والمواصفات التي تؤهِّلني لأداء تلك المهمة الكبيرة، فإن توفرت هذه المواصفات، فسأحافظ عليها، وأُنمِّيها وأُغذِّيها، وإن غابت عني، فإني سأسعى لاكتسابِها وممارستها وتطويرها.ومن هذه المواصفات:
1- الإيمان المطلق بالله -سبحانه وتعالى-:
والإيمان جزء لا يتجزَّأ عن روح وعقل وجسد الإنسان العاقل؛ فالإيمان هو المغذي الحقيقي، والدافعُ الذاتي، والمحفِّز الدائم للفرد للقيام بواجباته على نحوٍ صحيح وإيجابي في هذه الحياة، والإيمانُ المطلوب هو إيمان اليقين، النابع من القلب، والساكن شغافه، والذي يترجم أعمالاً رائعة، وليس إيمان الادِّعاء والقول.
لقد سَألَ يومًا محمدُ ابن الحنفية - رحمه الله - والدَه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "أبو بكر"[2].
ولم تأتِ هنا أفضلية وخيرية أبي بكر الصِّديق - رضي الله عنه - على الآخَرين عند عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - مثلما هو عند الناس كافة إلا مِن حَجْم وقدرِ وصِدق إيمانه - رضي الله عنه - ويفسِّر لنا عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - العلة التي دعت عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - لوضع أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بهذه المكانة، فيقول عمر - رضي الله عنه -: "لو وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ بإيمان أهل الأرض، لرجَح بهم، ليتني شعرة في صدر أبي بكر"[3].
إنَّ الإيمان هو الضمانةُ والحصانة للفرد أثناء مسيرته في هذه الدنيا؛ فهو يُعيده حين ينحرف، ويذكِّره حين ينسى، ويصحِّح له حين يخطئُ، ويبعث في نفسه التفاؤل حين ييئسُ، وهو الأمل عند الحرج، واليقين عند التردد، والمَنَعَة عند الضعف، والفرَجُ عند الضيق؛ فهو في حقيقته النورُ الساطع الذي يهدي الفردَ لطريقه.
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثلُ المؤمنِ ومثل الإيمان كمثل الفرسِ في آخيتِهِ[4]، يجول ثم يرجع إلى آخيته، وإنَّ المؤمنَ يسهو ثم يرجع إلى الإيمان، فأطعِموا طعامكم الأتقياءَ، وولوا معروفَكم المؤمنين))[5].
ويقول أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "الإيمانُ يبدو نقطة بيضاءَ في القلب، كلما ازداد الإيمانُ، ازداد ذلك البياضُ، فإذا استكمل الإيمان، ابيضَّ القلبُ كله، وإن النفاق ليبدو نقطة سوداءَ في القلب، كلما ازداد النفاقُ، ازداد السواد، فإذا استكمل النفاق، اسودَّ القلب كلُّه"[6]، يقول الشاعر:
والمرءُ مَن رَفعتْ له أعمالهُ *** قدرًا على النظراءِ والأقرانِ
فله السَّجايا الغرُّ والأدبُ الذي *** يَزدانُ بالإغراقِ في الإيمانِ
ومن مقوماتِ الإيمان: حُسنُ التوكلِ على الله - جل جلاله - فإذا استطاع الفردُ أن يُحسِنَ توكله على الله - جل جلاله - فإنه يضَعُ نفسَه تحت تصرُّف الله - جل جلاله - وإن الله - جل جلاله - سيكفيه الحاجةَ من الآخرين، ومن الوجوه كافة؛ يقول الله - جل في علاه -: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 3]، ومعنى: (فَهُوَ حَسْبُهُ): أي: كافيه.
ويقول وهب بن منبه -رحمه الله-: "الإيمانُ قائد، والعمل سائق، والنفسُ حَرونٌ بينهما، فإذا قاد القائدُ، ولم يسُقِ السائقُ، لم يُغْنِ ذلك شيئًا، وإذا ساق السائقُ تبِعها النفس طوعًا أو كرهًا"[7]2- قويٌّ في الحق، وواثقٌ من نفسي ومقدام:
الحقُّ من أجمل الأشياء في هذه الدنيا؛ ولهذا سمَّى الله - جل جلاله - نفسه "الحق"، وسَمَّى ما أنزل لنا - جل جلاله - من لدنه على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، وهو القرآن الكريم، وجعله الفارقَ بين الصواب والخطأ، وبين الحقيقة والوهم، إلا أنه مُرٌّ على الناس، وإنَّ قول الحق من أهمِّ الواجبات، يقول الصحابي أبو ذرٍّ الغفاريُّ - رضي الله عنه -: "....وأوصاني - صلى الله عليه وسلم - أنْ أقولَ الحقَّ وإنْ كان مُرًّا"[8].
وقد يخسر الفردُ بعضَ مَن حوله من جراء ذلك، فعليه أن يكون رفيقًا في قول الحق، جميلاً به، وحين لا يقدِّر الآخرون قول الحق ولا يَقبَلونه، فلا بأسَ عند ذلك في أن نخسرَهم من غيرِ أسفٍ عليهم؛ لأن الحقَّ أَوْلى أن يُتَّبع، ولا يَتبَعُ الحقُّ رغباتِ عامةِ الناس وأهواءَهم؛ يقول أحد الصالحين: " ما أبقى لنا الحقُّ مِن صاحبٍ "، ويقول الشاعر:
كفى بالَّذي يَلوي عَنِ الحقِّ أنَّهُ *** تَعَامَى فَلَمَّا أنْ رأى رُشْدَهُ عَمِي
أقولُ وقولُ الحقِّ يَطرُقُ خَاطِرِي *** إذًا وَلِسَانُ الصِّدق ينطِقُ في فمِي
3- ذو عقلية ناضجة وابتكارية:
وصاحب العقلية الناضجة هو الذي يُحكِّم عقلَه وليس عاطفته في الحُكم على الأمور، وفي اتخاذ قراراته، فتجده واقعيًّا لا تجنح به أحلامه وطموحاته خارج الإمكانات المتوفرة، ويستمع للنصائح المقدَّمة من الآخرين، بل ويطلبها، يبتغي الحكمة ولا ينظُر من أين جاءت، هي مبتغاه فحسب، لقد وصَف الله - جل جلاله - من لا يستخدمون عقولهم بالطريقة المطلوبة بالدوابِّ الضالة، بل هم عند الله - جل جلاله - مِن شرِّ الدواب بقوله - جل جلاله -: ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) [الأنفال: 22]، وللبحث عن خصال العاقل وصِفَتِهِ، وعن خصالِ الجاهل وصفته، فإننا نجدُها في كلام أحد الحكماء الذي يقول:
"صفة العاقل:
• أن يحلُمَ عمن جهِل عليه.
• ويتجاوز عمن ظلَمه.
• ويتواضع لمن هو دونه.
• ويسابق من هو فوقه في طلب البِرِّ.
• وإذا أراد أن يتكلَّم، فكَّر؛ فإذا كان خيرًا، تكلَّم فغَنِم.
• وإن كان شرًّا، سكَت فسلِم.• وإذا عرَضت له فتنةٌ، استعصَم باللهِ، فأمسَك يدَه ولسانه.
• وإذا رأى فضيلةً، انتهزها.
• لا يفارقُه الحياء.
• ولا يَبدُوَنَّ منه الحرص، فتلك عشرُ خصالٍ، يُعرَف بها العاقل.
وصفة الجاهل:
• أن يظلِمَ مَن يخالطُه.
• ويعتدي على مَن هو دونه.
• ويتطاول على مَن هو فوقه.
• كلامُه بغير تدبُّر؛ فإن تكلَّم، أثِم، وإن سكَت، سها.
• وإن عرَضت له فتنةٌ، سارَع إليها فأَرْدَتْه.
• وإن رأى فضيلةً، أعرَض عنها، وأبطأ عنها.
• لا يُخفي ذنوبَه القديمة.
• ولا يرتدعُ فيما يبقى مِن عمره عن الذُّنوب.
• مُتَوَانٍ عن البِرِّ.
• متبطِّئٌ عنه، غير مكترث لِما فاته من ذلك، أو ضيَّعه، فتلك عشرُ خِصالٍ من صفة الجاهل الذي حُرِم العقل".
4- متميز في التعامل مع الأزمات:والأزمات تحديدًا لا يصمُد أمامها ضعيفُ الهمَّة؛ لذلك فإنَّ مَن يمتلك نَفَسًا طويلاً في الصبر على الأزمات هو المتميزُ فيها؛ لأن غيرَه تغلِبُ عليه العاطفة، فيبتعد عن الحقِّ، ويسيطر عليه الخوفُ.
عن أم المؤمنين عائشةَ بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "لما كان يوم أُحُدٍ هُزم المشركون، فصاح إبليس: أيْ عبادَ الله، أخراكم، فرجَعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فنظَر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمانِ، فقال: أيْ عباد الله، أبي أبي، فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفةُ: غفَر الله لكم، قال عروة: فما زالت في حذيفةَ منه بقيةُ خيرٍ حتى لحِق بالله"[9].
لقد كان حذيفةُ بن اليَمَان - رضي الله عنهما - تحت أزمة شديدة؛ فأصدقاؤه يقتُلون أباه خطأً، ولكنه تصرَّف تصرُّف العاقل المتَّزن في أزمة شديدة، فلم يَنْهَرْ أمام المشهد المؤلم الذي حدَث (عن غير قصد)، ولم يقُل لهم أكثرَ مِن: غفَر اللهُ لكم.
والفرد المتميز في الأزمات هو القادرُ على إنتاج الأفكار الجديدة بما يناسب الحالَ، وبفترة زمنية مناسبة، ويلعب عاملُ السرعة دورًا مهمًّا في القضية، ففي الأزمات لن يكونَ من المُجدي فقط أن تجدَ حلاًّ، ولكن ينبغي أن يُقدَّم الحلُ على وجه السرعة، وبفترة زمنية قياسية.
5- مؤمن بالعمل مع فريق:
"إن التعامل مع الآخرين في فريقِ عملٍ واحد لا يعني إطلاقًا تقديمَ تنازلات أو تضحيات أو تحمُّل أعباء بشكل منفردٍ دون الآخرين، بحيث تنقص من اعتداد الشخص بنفسه، وتقلِّل من شأنه، بل توزَّع كلُّ هذه على الجميع، كلٌّ حسَب مكانته في الفريق، فكلما كانت المكانةُ رفيعة، كانت حصتُها من التنازلات والتضحيات أكبرَ، وبذلك يكون قائدُ الفريق أولَ وأكثَر المضحِّين، كما أنه ليس المطلوب أن يقدِّمَ كلُّ عضوٍ في الفريق ما عليه فحسب، ولكن المطلوب التفاعل البنَّاء والتعاون والتكامل مع الآخرين بصورة أكثرَ فاعلية"[10].
كما أنَّ المطلوب هو التعاونُ الحقيقي، وليس الشكليَّ بين أعضاء الفريق، وهو أمرٌ في غاية الأهمية، وفريقُ العمل يقومُ على مجموعة من العناصر التي تمثِّل الأسسَ المتينة في بنائه، وهذه العناصرُ ترتبط فيما بينها ارتباطًا وثيقًا، والمفروض أن يكون هذا الارتباطُ إيجابيًّا وليس سلبيًّا؛ فالارتباط الإيجابي من شأنه تحقيقُ تقدُّم ونجاح في نتائج العمل، وبالعكس، وكلُّ عنصر من عناصر الفريق على حدة له مميزاته وخصوصياته التي تعطي للعناصر الأخرى خارطةَ طريقٍ للتعامل معه.6- مراقبٌ ومُتابع لنفسي:
والمراقبة الشخصية الذاتية من أصعبِ المهام في مسيرة بناء الذات للفرد؛ فالإنسان في طبيعته متعصِّب لرؤيته، منتصر لمعتقده، معتدٌّ بنفسه، وهي أحبُّ ما في الكون عنده، يرى دائمًا أنها على حق، وغيرها على غير ذلك؛ لذلك ومن هذا المنطق كانت العمليةُ شاقةً وصعبة.
وبغير المراقبة والمتابعة يفقد المرءُ زمام نفسه، فتجنَح النفسُ مع هواها، فتكون في أخطرِ المراحل؛ ولهذا فإن اللهَ - جل جلاله - يُحذِّر أنبياءَه من الهوى لخطورته، فهو يقول - جل جلاله -: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [ص: 26].
وأهمُّ ما في هذا الباب: أن يراقب الفردُ نفسه كأنه إنسان آخر، فينظر إلى عيوبها، وتقصيرها، وقلة إدراكها للأمور، وأخطائها في قراراتها، ولا يفعل شيئًا - مهما كان صغيرًا - وهو يعيبهُ على الآخرين، وهنا لا بد من أن (ينتصر الفردُ بداخله) على هذه الأمورِ، وإلا فسيهزم، وفي عملية المراقبة لا بد من استحضار الإدانة للنفس عند الخطأ، وليس إيجاد التبريرات للأخطاء، أو التقصير بشكل دائم.
يقول أحدُ الحكماء في هذا الباب: "لا يكون الرجلُ تقيًّا حتى يحاسب نفسَه أشدَّ من محاسبة الرجل شريكه، حتى ينظُر مِن أين مطعمُه، ومشرَبُه، ومكسبه".
ويقول الإمام الشافعي:
إذا رُمتَ أن تَحيا سَليمًا مِنَ الرَّدى *** ودِينُكَ مَوفورٌ وعِرضُكَ صَيِّنُ
فَلا يَنطِقَنْ مِنكَ اللِّسانُ بِسَوْءَةٍ *** فَكُلُّكَ سَوءاتٌ ولِلناسِ أَلسُنُ
وَعَيناكَ إن أَبدَتْ إليكَ مَعائِبًا *** فدَعْها وَقُل: يا عَينُ، للناسِ أَعيُنُ
وَعاشِرْ بِمَعروفٍ وَسامِحْ مَنِ اعتَدى *** ودافِعْ وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ7- متعلم من التجارِب:
والتجارِبُ هي حصيلةُ جهد السنين، وتعب العمر، وخاصة التجارِب المريرة منها، تقول إحدى بنات حواء: "قلادتي المرصَّعة بالماس التجاربُ والمعاناة الواحدة تلو الأخرى كحباتِ ماس نادرة أضَعُها هنا معًا؛ كي أصنَعَ قلادتي التي سوف أقتنيها مدى الحياة؛ فإن لتلك الماساتِ بريقًا سوف يتلألأ فقط لكل مَن يقتربُ منهن، وصاحبةُ هذه الكلمات الجميلة تؤمن بأن الألم يرقِّق القلوب، ويرهف الإحساس، ويُظهِر شفافيةَ النفوس وصفاءَها.
لذلك؛ فإن التجارِبَ والمعاناة كقِطَع الماس المتلألئة، والتي يجبُ علينا أن نحافظَ عليها مدى الحياة، وإن الإنسانَ الذي استطاع أن يمرَّ بتجارِبَ كثيرة، ويتغلَّب عليها، فسيمتلك الكثير من الماسات، ويومًا ما سيكون قادرًا على صُنع قلادة يتلألأ بريقُها"[11].
ومن هنا كان المبدأ الذي أقره رسولُ الله محمد - صلى الله عليه وسلم - في التعلُّم من التجارِبِ؛ حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحر واحد مرتين))[12]، يقول محمد الغلامي:
بَدَا مِنْ نَداهُ للوفودِ رَغَائِبُ *** ومِنْ حَزمِهِ تَبدو صُنوفُ غَرائِبِ
بحُسنِ التَّواني نَال عِزًّا مُكَمَّلاً *** وما كُلُّ ماضٍ في الأمورِ بصائبِ
بَلى هَذَّبتْهُ جَودةُ الرأيِ والنُّهى *** إذا هذَّبتْ شَخْصًا صروفُ التَّجارِبِفعن أبي ذرٍّ الغفاري - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بخصالٍ من الخير، أوصاني: ((بألا أنظرَ إلى مَن هو فوقي، وأن أنظُرَ إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين، والدنوِّ منهم، وأوصاني أن أصِلَ رَحِمي وإن أدْبَرَتْ، وأوصاني ألا أخافَ في الله لومةَ لائمٍ، وأوصاني أن أقولَ الحقَّ وإن كان مُرًّا، وأوصاني أن أُكثِرَ مِن قول: لا حولَ ولا قوة إلا بالله؛ فإنَّها كنز من كنوز الجنة))[13].
إنها وصايا عظيمة، وحِكَم بليغة، ومعانٍ كبيرةٌ، تتضمن:
• في أمور ممتلكات الدنيا؛ الأصل ألا ننظرَ لِمَن يمتلك أكثر منا؛ فهذا رزقُه، وهذا رزقنا، في حين نحن ملزمون بالنظر إلى مَن هو دوننا، فإن فعَلْنا ذلك أيقنَّا أننا في نعمةٍ وخير، ونحن أحسنُ مِن كثير من الناس، فنشكر الله على ذلك، ويستقر بالُنا ويستكين.
• نحبُّ المساكين ونقترب منهم؛ فعن أسامةَ بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قمتُ على باب الجنة، فإذا عامَّةُ مَن دخَلها المساكين، وإذا أصحابُ الجَدِّ[14] محبوسون، إلا أصحاب النار، فقد أُمِر بهم إلى النار، وقمتُ على باب النار، فإذا عامَّةُ مَن دخلها النساء))[15].
• عدم الخوف من شيء إلا مِن الله - جل جلاله - لأن كلَّ شيء متعلق بالله - جل جلاله - وهذا الأمرُ له علاقة بتحقيق التوحيد الذي هو المُنجِّي في نهاية الأمر، لقد رأيتُ في الناس مَن تملَّكه الخوفُ مِن كل شيء، حتى فسَدت عليه حياتُه.
• التواصل مع الأرحام (الأقارب) وإن كانوا من النوع المقاطع؛ فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلُهم ويقطعوني، وأُحسِنُ إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويجهَلون عليَّ، فقال: ((لئن كنتَ كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك مِن الله ظهيرٌ عليهم ما دُمْتَ على ذلك))[16].
• قول الحقِّ في كل الأحوال، ولو عاد عليك بالضررِ، أو جعَلك في حرَج، أو شعَرْتَ بالخسارة من جرَّاءِ ذلك.
• الإكثار من قول: "لا حولَ ولا قوة إلا بالله".
8- مواصفات أخرى عامة؛ كالصبرِ، والحِلم، وعدم الجزع:
الأربعاء 20 أبريل 2022 - 0:21 من طرف Admin
» مجانا فرصة لا تعوض في منتدى الفيديوهات و بناء على طلبكم إلى غاية نهاية شهر مارس المقبل , بدون الحاجة إلى تسجيل شارك معنا فيديوهاتك أو مقالاتك أو صورك و اكسب مشاهدات حقيقية بمشاطرتها في مواقع التواصل الإجتماعي ...بادر الآن من هنا و اضغط موضوع جديد...
الخميس 14 فبراير 2019 - 13:46 من طرف abou rayane
» Cole Beasley Says Front Office Dictates Who Gets Balls; S. Jones Responds
الخميس 31 يناير 2019 - 8:42 من طرف abou rayane
» California-Based Pipeline Health Expands in Dallas Area, Buys 22 Stand-Alone Emergency Rooms
الخميس 31 يناير 2019 - 8:11 من طرف Admin
» 30 GENIUS HACKS FOR YOUR LIFE
الأربعاء 30 يناير 2019 - 21:38 من طرف abou rayane
» Hack facebook account in 3 steps watch now
الأربعاء 30 يناير 2019 - 14:24 من طرف abou rayane
» Top 5 Programming Languages to Learn to Get a Job at Google, Facebook, Microsoft, etc.
الأربعاء 30 يناير 2019 - 13:38 من طرف abou rayane
» Introduction to Programming
الأربعاء 30 يناير 2019 - 13:28 من طرف abou rayane
» Learn JavaScript - Full Course for Beginners
الأربعاء 30 يناير 2019 - 11:49 من طرف abou rayane
» News On WWE's Second WWE Championship Belt Design For Daniel Bryan
الأربعاء 30 يناير 2019 - 7:19 من طرف Admin
» Hundreds of Texans Attend Funeral of Unknown Veteran
الأربعاء 30 يناير 2019 - 7:08 من طرف Admin
» California-Based Pipeline Health Expands in Dallas Area, Buys 22 Stand-Alone Emergency Rooms
الأربعاء 30 يناير 2019 - 6:52 من طرف Admin
» Military Recruits Getting Made-in-the-USA Athletic Trainers
الأربعاء 30 يناير 2019 - 0:44 من طرف abou rayane
» Arkansas Man Pleads Guilty to Attempted Plane Theft Charge
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 23:58 من طرف abou rayane
» Police Dog Killed Trying to Stop Armed Suspect: Sheriff
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 23:45 من طرف abou rayane
» List of 95,000 Potential Non-Citizen Voters 'May Have Been Overstated,' Texas Secretary of State Tells Counties
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 23:21 من طرف abou rayane
» WWE Confirms Dean Ambrose Will Not Be Renewing His Contract
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 22:56 من طرف abou rayane
» Arctic Cold Front Moving Across North Texas
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 7:00 من طرف abou rayane
» Multiple Police Officers Injured in Houston Shooting
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 6:38 من طرف abou rayane
» OTS_MOBILE_DFW HOME LATEST NEWS SPORTS CONNECTION SEVERE WEATHER Broken Clouds 43° TRAFFIC ENTERTAINMENT LOCAL Police Chief: Crime in Houston Down 4.4 Percent in 2018
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 5:43 من طرف abou rayane
» challenged Brock Lesnar to a Universal Championship Match at WrestleMania
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 5:27 من طرف abou rayane
» Painter Recreates Religious Artworks for East Texas Diocese
الثلاثاء 29 يناير 2019 - 0:28 من طرف abou rayane
» Dragon Ball FighterZ Season 2 DLC Confirmed
الإثنين 28 يناير 2019 - 22:29 من طرف abou rayane
» Dragon Ball FighterZ Season 2 DLC Confirmed
الإثنين 28 يناير 2019 - 22:29 من طرف abou rayane
» ION MAIDEN In-game findings
الإثنين 28 يناير 2019 - 21:25 من طرف abou rayane
» 'It was not fun': How Drew Smyly's long road back from Tommy John surgery puts him in same boat as much of Rangers' pitching rotation
الإثنين 28 يناير 2019 - 14:50 من طرف abou rayane
» 2 Fort Bliss Soldiers Killed in Training Crash Identified
الإثنين 28 يناير 2019 - 14:31 من طرف abou rayane
» 20,000 Leagues Above the Clouds nous dit adieu
الإثنين 28 يناير 2019 - 13:28 من طرف abou rayane
» Metro Exodus prendra beaucoup de place
الإثنين 28 يناير 2019 - 13:16 من طرف abou rayane
» WWE Raw preview, Jan. 28, 2019: Seth Rollins “burns it down” en route to WrestleMania main event
الإثنين 28 يناير 2019 - 11:57 من طرف abou rayane
» THE 20 MOST INSANE TV CROSSOVERS, RANKED
الإثنين 28 يناير 2019 - 11:36 من طرف abou rayane
» The problem of media in the United States of America
الإثنين 28 يناير 2019 - 9:55 من طرف abou rayane
» WWE Royal Rumble 2019 Highlights HD - 30 Men's Royal Rumble Full Match 2019 Highlights
الإثنين 28 يناير 2019 - 8:28 من طرف abou rayane
» WWE Royal Rumble 2019 Highlights HD - 30 Men's Royal Rumble Full Match 2019 Highlights
الإثنين 28 يناير 2019 - 8:28 من طرف abou rayane
» South Texas Beef Processor Filed for Chapter 11 Protection
الإثنين 28 يناير 2019 - 6:34 من طرف abou rayane
» 2019 Women’s Royal Rumble Match: photos 1/58 Presented by WWE Photo 1/58 Presented by WWE Photo Related Galleries
الإثنين 28 يناير 2019 - 6:05 من طرف abou rayane
» 1/19 Alexa Bliss hits the scene to host “A Moment of Bliss.”
الإثنين 28 يناير 2019 - 5:47 من طرف abou rayane
» No Permit for Texas Float Fest Amid Increasing Attendance
الإثنين 28 يناير 2019 - 5:27 من طرف abou rayane
» Texas Plans $320 Million Psychiatric Hospital in San Antonio
الإثنين 28 يناير 2019 - 0:01 من طرف abou rayane
» 12-Year-Old Boy Charged in Slaying of South Texas Boxer
الأحد 27 يناير 2019 - 23:12 من طرف abou rayane
» 58,000 Non-U.S. Citizens Voted in Texas State Elections, Attorney General Paxton Says
الأحد 27 يناير 2019 - 22:33 من طرف abou rayane
» Lana Del Rey - Video Games (Official Music Video)
الأحد 27 يناير 2019 - 19:52 من طرف abou rayane
» بعد حادث ترامواي البيضاء..شهادات صادمة حول الحادث من قلب الحدث وهاكيفاش دخل الرموك فالترامواي
الأحد 27 يناير 2019 - 18:29 من طرف abou rayane
» Ronda Rousey has trashed reports she is set to hang up the spandex and step out of the WWE spotlight to start a family.
الأحد 27 يناير 2019 - 18:08 من طرف abou rayane
» WWE NXT "Takeover: Phoenix" Results - New Champions Crowned, Aleister Black Vs. Tommaso Ciampa, More
الأحد 27 يناير 2019 - 17:49 من طرف abou rayane
» 2019 WWE ROYAL RUMBLE MATCHES, CARD, DATE, ENTRANTS, LOCATION, START TIME, RUMORS, PREDICTION
الجمعة 25 يناير 2019 - 16:09 من طرف abou rayane
» YouTube حاول عدم الضحك * نسخة صعبة من التحدي* ضحك بلا حدود هههههههههههههههه
الخميس 24 يناير 2019 - 22:21 من طرف abou rayane
» مهاجمة مراكز الجاذبية التشغيلية للقاعدة
الخميس 24 يناير 2019 - 0:57 من طرف abou rayane
» لديك رابط فيديو أو صورة أو مقالة .. أدخل الآن و اجلب لها مشاهدات
الأربعاء 23 يناير 2019 - 20:34 من طرف abou rayane
» فكاهة قدور و عويشة جديد
الأربعاء 23 يناير 2019 - 13:29 من طرف abou rayane
» YouTube ملخص مباراة البحرين وكوريا الجنوبية 1-2
الثلاثاء 22 يناير 2019 - 22:32 من طرف abou rayane
» YouTube ملخص مباراة العراق وقطر 1-0 هدف قاتل لمنتخب القطري كأس آسيا 2019
الثلاثاء 22 يناير 2019 - 22:28 من طرف abou rayane
» حكيم زياش يبدع ضد بايرن ميونيخ ويبهدل ريبيري ويقود فريقه لتعادل مجنون بـ 3:3 في الدقيقة +94
الثلاثاء 22 يناير 2019 - 22:14 من طرف abou rayane
» عبـدالرزاق حمداللـه يبدع بسوبر هاتريك عالمي ويسجل ثمانية اهداف في مبارتين متتاليتين فقط
الثلاثاء 22 يناير 2019 - 21:50 من طرف abou rayane
» YouTube ملخص مباراة يوفنتوس وكيفو فيرونا 3-0 تألق رونالدو - شوط مجنون HD
الثلاثاء 22 يناير 2019 - 18:14 من طرف abou rayane
» YouTube هكذا قضى رونالدو على احلام برشلونة وأوقف سلسلة اللا هزيمة ● بصوت رؤوف خليف ● HD
الإثنين 21 يناير 2019 - 22:33 من طرف abou rayane
» YouTube ملخص مباراة برشلونة ومانشستر يونايتد [نهائي الابطال 2009] تعليق عصام الشوالي HD
الإثنين 21 يناير 2019 - 22:31 من طرف abou rayane
» YouTube عندما تواجه ميسي ورونالدو لاول مرة _ملخص برشلونة ومانشستر يونايتد 2008 وجنون الشوالي HD
الإثنين 21 يناير 2019 - 22:28 من طرف abou rayane
» ركلات الترجيح مباراة استراليا واوزبكستان 4-2
الإثنين 21 يناير 2019 - 22:22 من طرف abou rayane
» YouTube ملخص مباراة السعوديه واليابان 0-1 الاخضر يودع البطولة وجنون رؤوف خليف
الإثنين 21 يناير 2019 - 22:17 من طرف abou rayane
» YouTube شاهد غضب أشهر اللاعبين عندما استبدلهم المدرب ● مشاجرات قاتلة ● لن تتوقع ماذا حدث ...!!
الإثنين 21 يناير 2019 - 13:44 من طرف abou rayane
» سوحليفة: الحلقة 25 | Souhlifa: Episode 25
الإثنين 21 يناير 2019 - 13:39 من طرف abou rayane
» مؤامرة من عقل أناني - قصص اطفال - كرتون اطفال - قصص العربيه - قصص اطفال قبل النوم جديدة 2018 - قصص
الإثنين 21 يناير 2019 - 13:34 من طرف abou rayane
» أفضل قصص اطفال 2017 - قصص العربيه - قصص اطفال قبل النوم - قصص عربيه - Arabic Story
الإثنين 21 يناير 2019 - 13:28 من طرف abou rayane
» YouTube معرفة الرسائل المحذوفة في الواتساب بطريقة سهلة ❌
الأحد 20 يناير 2019 - 23:04 من طرف abou rayane
» فضيحة من العيار الثقيل في مقهى بتطوان ، بكاميرات المراقبة
الأحد 20 يناير 2019 - 22:46 من طرف abou rayane
» أخبار المغرب -نشرة المسائية- الأحد 20 يناير 2019 على القناة الثانية 2M
الأحد 20 يناير 2019 - 22:24 من طرف abou rayane
» أخبار المغرب -نشرة المسائية- الأحد 20 يناير 2019 على القناة الثانية 2M
الأحد 20 يناير 2019 - 22:24 من طرف abou rayane
» [تم الحل]the first rank in Google in 30 days
الأحد 20 يناير 2019 - 22:01 من طرف abou rayane
» Drift Simulator Audi R8 Sports / Car Racing Games / Android Gameplay FHD
الأحد 20 يناير 2019 - 18:19 من طرف abou rayane
» The Mummy Trailer #1 (2017) | Movieclips Trailers
السبت 19 يناير 2019 - 21:50 من طرف abou rayane
» The Mummy Trailer #1 (2017) | Movieclips Trailers
السبت 19 يناير 2019 - 21:49 من طرف abou rayane
» Congressional Democrats pledge to ‘get to the bottom’ of article that alleges Trump directed Cohen to lie to Congress
الجمعة 18 يناير 2019 - 22:36 من طرف abou rayane
» Learn How to use java script programming
الجمعة 18 يناير 2019 - 14:35 من طرف abou rayane
» Great US Sport Moment
الجمعة 18 يناير 2019 - 14:21 من طرف abou rayane
» How to connect any wifi at home
الجمعة 18 يناير 2019 - 9:58 من طرف abou rayane
» Top 10 games offline for phone watch now
الخميس 17 يناير 2019 - 22:30 من طرف abou rayane
» Top 16 new strategy game watch now
الخميس 17 يناير 2019 - 22:09 من طرف abou rayane
» Trump's humburger count jumped from 300 to 1000 overnight
الخميس 17 يناير 2019 - 21:08 من طرف abou rayane
» Lleyton Hewitt accuses Bernard Tomic of 'blackmail' and 'physical' threats
الخميس 17 يناير 2019 - 17:39 من طرف abou rayane
» How to install windows in your PC plaise upvote and watch
الخميس 17 يناير 2019 - 14:36 من طرف abou rayane
» Awesome life hacks for your dog watch and upvote plaise
الخميس 17 يناير 2019 - 14:23 من طرف abou rayane
» How to keep your dog busy while you're at work
الخميس 17 يناير 2019 - 10:06 من طرف abou rayane
» How to keep your dog busy while you're at work
الخميس 17 يناير 2019 - 10:06 من طرف abou rayane
» How to make windows 7 faster watch now
الخميس 17 يناير 2019 - 7:32 من طرف abou rayane
» Four Americans killed, three injured in bomb blast claimed by ISIS in northern Syria
الخميس 17 يناير 2019 - 6:37 من طرف abou rayane
» FBI arrests Georgia man for allegedly plotting to attack the White House
الخميس 17 يناير 2019 - 6:26 من طرف abou rayane
» Boyfriend of Shreveport, Louisiana, police officer Chateri Payne arrested in her killing; officials say he 'concocted' story of mystery gunman
الخميس 17 يناير 2019 - 6:08 من طرف abou rayane
» Boyfriend of Shreveport, Louisiana, police officer Chateri Payne arrested in her killing; officials say he 'concocted' story of mystery gunman
الخميس 17 يناير 2019 - 6:07 من طرف abou rayane
» LOG IN Michael Cohen fears Trump rhetoric could put his family at risk: Sources
الخميس 17 يناير 2019 - 5:31 من طرف abou rayane
» History of the united states watch now
الأربعاء 16 يناير 2019 - 23:30 من طرف abou rayane
» Downise dance watch now
الأربعاء 16 يناير 2019 - 22:28 من طرف abou rayane
» Breaking news:Two explosions gunfire head at a hotel and office...
الأربعاء 16 يناير 2019 - 14:28 من طرف abou rayane
» Jeremy Corbyn tables montion of no confidence after brexit deal defeat
الأربعاء 16 يناير 2019 - 6:53 من طرف abou rayane
» How to enable facebook messenger dark mode on android
الأربعاء 16 يناير 2019 - 5:29 من طرف abou rayane
» Top 10 game same as PC game
الثلاثاء 15 يناير 2019 - 22:25 من طرف abou rayane
» AQUAMAN full movie Big Action and HD Quality
الثلاثاء 15 يناير 2019 - 21:37 من طرف abou rayane
» The ultimate gaming PC $30000 watch NOW
الثلاثاء 15 يناير 2019 - 21:17 من طرف abou rayane
» reedit haked. Some user data stolen
الثلاثاء 15 يناير 2019 - 10:16 من طرف abou rayane