منتديات إفادة المغربية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات إفادة المغربية

مرحبا بكم منتديات إفادة المغربية .... جميعا قلب واحد من أجل غد أفضل ..!


    باب كيفية التوفي للموتى ؟ و اختلاف أحوالهم في ذلك

    abou rayane
    abou rayane
    عضو ممتاز
    عضو ممتاز


    باب كيفية التوفي للموتى ؟ و اختلاف أحوالهم في ذلك Empty باب كيفية التوفي للموتى ؟ و اختلاف أحوالهم في ذلك

    مُساهمة من طرف abou rayane الثلاثاء 13 يناير 2015 - 16:52



    وقد ذكر الله عزوجل التوفّي في كتابه الكريم مجملاً ومفصلا, فقال عزوجل
    الذين تتوفاهم الملائكة طيبين
    وقال جلّ وعلا: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
    وقال سبحانه وتعالى: توفته رسلنا وهم لا يُفرِّطون
    وقل جلّ وعزّ: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم
    وقد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سيأتي بيانه إن شاء تعالى ، فقال تعالى
    ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم
    و قال جلّ وعلا
    فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم.
    وباتفاق أهل الـتاويل من علماءنا رحمهم الله, أنّ هذه الآية الكريمة خاصة بمن قتل من الكفار يوم بدر , و قد ذكر المهدوي وغيره في ذلك اختلافاً ، ذلك أن الكفار حتى الآن يتوفون بالضرب والهوان , و الله أعلم .

    و روى مسلم رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم , إذ نظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقياً , فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه لضربة السوط , فاخضر ذلك أجمع , فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه
    وسلم فقال : صدقت ذلك من مدد السماء الثانية ، فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين . و ذكر الحديث .
    وقال تعالى : لو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم
    أي بالعذاب أخرجوا أنفسكم


    فصل : إن قال قائل : كيف الجمع بين هذه الآية وبيت قبض ملك الموت أرواح من يموت بالمشرق والمغرب في زمن واحد ؟ قيل له : اعلم أن التوفي مأخوذ من توفيت الدين واستوفيته إذا قبضته ولم يدع منه شيئاً ، فتارة يضاف إلى ملك الموت لمباشرته ذلك ، وتارة إلى أعوانه من الملائكة ، لأنهم قد يتولون ذلك أيضاً ، وتارة إلى الله تعالى وهو المتوفي على الحقيقة كما قال عز و جل الله : يتوفى الأنفس حين موتها
    وقال تعالى : وهو الذي أحياكم ثم يميتكم
    وقال جلّ وعلا : الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم
    فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما يفعل بأمره عزوجل .

    و قال الكلبي رحمه الله : يقبض ملك الموت الروح من الجسد ، ثم يُسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمناً ، وإلى ملائكة العذاب إن كان كافراً ، وهذا المعنى منصوص في حديث البراء رضي الله عنه ، وسيأتي ان شاء الله .

    و في الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم: إن ملك الموت ليهيب بالأروح كما يهيب أحدكم بفلوه أو فصيله ألا هلمّ ألا هلمّ.
    ومعنى يهيب أي يدعو أو يصيح
    فأخبر صلى الله عليه و سلم : أنه يدعو الأرواح التي يتوفاها الله و يقبضها .
    و قال ابن عباس ؤضي الله عنهما : إن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر. فإذا انقضى عمر ذلك الشخص الذي حان قبض روحه ، سقطت ورقة من سدرة المنتهى التي فيها اسمه على اسمه في الصحيفة ، فعرف أن قد فرغ أجله وانقطع أكله


    و في الخبر أن ملك الموت تحت العرش يسقط عليه صحائف من يموت من تحت العرش
    والصحف هنا : ورق السدرة . و الله أعلم


    و كما في الخبر قبله : فإذا نظر إلى الإنسان ، قد نفذ رزقه وانقطع أكله ، ألقى عليه سكرات الموت ، فغشيته كرباته ، وأدركته سكراته .


    و في خبر الإسراء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
    وسلم ، قال : مررت على ملك آخر جالس على كرسي ، إذا جميع الدنيا ومن فيها بين ركبتيه وبيده لوح مكتوب ينظر فيه ، ولا يلتفت عنه يميناً ولا شمالاً , فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا ملك الموت , قلت : يا ملك الموت كيف تقدر على قبض جميع أرواح من في الأرض برها و بحرها ؟ قال : ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي ، وجميع الخلائق بين عيني ، ويداي تبلغان المشرق والمغرب؟
    فإذا نفذ أجل عبد نظرت إليه ، فإذا نظرت إليه عرف أعواني من الملائكة أنه مقبوض ، غدوا فبطشوا يعالجون نزع روحه ، فإذا بلغوا بالروح الحلقوم ، علمت ذلك فلم يخف علي شيء من أمره ، مددت يدي فأنزعه من جسده وألى قبضه


    و في الخبر ذكر أبو حامد الغزالي رحمه الله : أنّ الميت ينزل عليه أربعة من الملائكة : ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى ، وملك يجذبها من قدمه اليسرى ، وملك يجذبها من يده اليمنى ، وملك يجذبها من يده اليسرى.
    و قال : وربما كشف للميت عن الأمر الملكوتي قبل أن يغرغر ، فيعاين الملائكة على حقيقة عمله ، على ما يتحيزون إليه من عالمهم ، فإن كان لسانه منطلقاً حدث بوجودهم ، وربما أعاد على نفسه الحديث بما رأى ، وظن أن ذلك من فعل الشيطان به ، فيسكت حين يعقل لسانه وهم يجذبونها من أطراف البنان ورؤوس الأصابع ، والنفس تنسل انسلال القداة من السقا , والفاجر تسل روح كالسفود من الصوف المبلول
    هكذا حكى صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام

    والميت يظن أن بطنه ملئت شوكاً ، كأنما نفسه تخرج من ثقب إبرة ، و كأن السماء انطبقت على الأرض و هو بينهما ، فإذا احتضرت نفسه إلى القلب ، مات لسانه عن النطق فما أحد ينطق, والنفس مجموعة في صدره لسِرَّيْنِ اثنين

    السر الأول : أن الأمر عظيم قد ضاق صدره بالنفس المجتمعة فيه ، ألا ترى أن الإنسان إذ أصابته ضربته في الصدر بقي مدهوشاً ، فتارة لا يقدر على الكلام ، وكل مطعون يطعن يصوت إلا مطعون الصدر فإنه يخر من غير تصويت .

    و أما السر الآخر : فلأن الذي فيه حركة الصوت المندفعة من الحرارة الغريزية فصار نفسه متغير الحالتين ، حال الارتفاع و البرودة ، لأنه فقد الحرارة ، فعند هذا الحين تختلف أحوال الموتى ، فمنهم من يطعنه الملك حينئذ بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار فتفر الروح ، وتفيض خارجة ، فيأخذ الملك في يده وهي ترعد أشبه شيء بالزئبق على قدر الجرادة شخصاً إنسانياً ، ثم يناولها الزبانية
    و من الموتى من تجذب نفسه رويداً حتى تنحصر في الحنجرة , وليس يبقى في الحنجرة إلا شعبة متصلة بالقلب فحينئذ يطعنها بتلك الحربة الموصوفة


    قال الشيخ المؤلف رحمه الله : لم أجد لهذه الحربة في الأخبار ذكر إلا ما ذكره
    أبو نعيم الحافظ

    قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمود مرفوعا الى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : إن لملك الموت عليه السلام حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب, فاذا انقضى أجل عبد من الدنيا, ضرب رأسه بتلك الحربة وقال: الآن يُزارُ بك عسكر الأموات


    و روى سليمان بن مهير الكلابي رحمه الله قال : حضرت مالك بن أنس رضي الله عنهما, وأتاه رجل فسأله : يا أبا عبد الله ! البراغيث؟ أملك الموت يقبض أرواحها؟ فأطرق مالك طويلاً ثم قال : ألها نفس ؟ قال : نعم ، قال : ملك الموت يقبض أرواحها, والله تعالى يقول: الله يتوفى الأنفس حين موتها



    ثانيا : باب ما جاء في صفة ملك الموت عن قبض روح المؤمن و الكافر



    قال علماؤنا رحمهم الله : وأما مشاهدة ملك الموت عليه السلام وما يدخل على القلب منه من الورع والفزع , فهو أمر لا يعبر عنه لعظم هوله وفظاعة رؤيته ، ولا يعلم حقيقة ذلك, إلا الذي يبتدئ له ويطّلعُ عليه , وإنما هي أمثال تُضرب وحكايات تُروى


    روى عن عكرمة رحمه الله أنه قال : رأيت في بعض صحف روي أنّ آدم عليه الصلاة والسلام قال : يا رب أرني ملك الموت حتى أنظر إليه ، فأوحى الله تعالى إليه : إن له صفات لا تقدر على النظر إليها , وسأُنزله عليك في الصورة التي يأتي فيها الأنبياء والمصطفين ، فأنزل الله عليه جبريل وميكائيل , واتاه ملك الموت في صورة كبش أملح قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح ، منها جناح جاوز السموات والأرض ، وجناح جاوز الأرضين , وجناح جاوز أقصى المشرق ، وجناح جاوز أقصى المغرب ، وإذا بين يديه الأرض بما اشتملت عليه من الجبال والسهول والغياض والجن والإنس والدواب وما أحيط بها من البحار وما علاها من الأجواء في ثغرة نحرة كالخردلة في فلاة من الأرض ، وإذا عيون لا يفتحها إلا في مواضع فتحها ، وأجنحة لا ينشرها إلا في مواضع نشرها ، وأجنحة للبشري ينشرها للمصطفين ، وأجنحة للكفار فيها سفافيد وكلاليب ومقاريض ، فصعق آدم صعقة لبث فيها إلى مثل تلك الساعة من اليوم السابع ، ثم أفاق وكان في عروفة الزعفران
    ذكر هذا الخبر ابن ظفر الواعظ المكنى أبو هاشم محمد بن محمد في كتاب النصائح

    و روى عن ابن عباس رضي الله عنهما , أن إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام سأل ملك الموت أن يُريه كيف يقبض روح المؤمن؟ فقال له : اصرف وجهك عني فصرف ، ثم نظر إليه فرآه في صورة شاب حسن الصورة حسن الثياب طيب الرائحة حسن البشر , فقال له : والله لو لم يلق المؤمن من السرور شيئاً سوى وجهك كفاه , ثم قال له : أرني كيف تقبض روح الكافر؟ فقال له : لا تطيق ذلك , قال : بلى أرني؟ قال : اصرف وجهك عني فصرف وجهه عنه ، ثم نظر إليه فإذا صورة إنسان أسود رجلاه في الأرض ورأسه في السماء كأقبح ما أنت راءٍ من الصور ، تحت كل شعرة من جسده لهيب نار ، فقال له : و الله لو لم يلق الكافر سوى نظرة إلى شخصك لكفاه

    و قال ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : كان إبراهيم عليه السلام رجلاً غيوراً ، و كان له بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه , فرجع ذات يوم فإذا هو برجل في جوف البيت , فقال : من أدخلك داري ؟ فقال : أدخلنيها ربها ، قال إبراهيم : أنا ربها ، قال : أدخلنيها من هو أملك بها منك ، قال : فمن أنت من الملائكة ؟ قال : أنا ملك الموت . قال : أتستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن ؟ قال : نعم ، ثم التفت إبراهيم فإذا هو بشاب فذكر من حسن وجهه و حسن ثيابه و طيب رائحته فقال : يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن عند الموت إلا صورتك لكان حسبه ، ثم قبض روحه صلى الله عليه وسلم


    فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : لا يتعحب من كون ملك الموت يُرى على صورتين لشخصين ، فما ذلك إلا مثل ما يُصيب الإنسان بتغير الخلقة في الصحة والمرض , والصغر والكبر , والشباب والهرم , وكصفاء اللون بملازمة
    الحمام وشحوبة الوجه بتغير اللون بلفح الهواجر في السفر ، غير أن قضية الملائكة عليهم السلام يجري ذلك منهم في اليوم الواحدة ، وإن لم يجر هذا على الإنسان إلا في الأوقات المتباعدة و السنين المتطاولة ، و هذا بيّن فتأمله





    ثالثا : باب ما جاء أن ملك الموت عليه السلام هو القابض لأرواح الخلق و أنه يقف على كل بيت في كل يوم خميس مرات و على كل ذي روح كل ساعة و أنه ينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة




    قال الله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من بيت إلا و ملك الموت يقف على بابه في كل يوم خمس مرات ، فإذا وجد الإنسان قد نفذ أكله و انقطع أجله ألقى عليه غمرات الموت ، فغشيته كرباته و غمرته غمراته ، فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربة وجهها والباكية لشجوها والصارخة بويلها ، فيقول ملك الموت عليه السلام : ويلكم مم الفزع؟ و ممّ الجزع ؟ ما أذهبت لأحد منكم رزقاً و لا قربت له أجلاً ولا أتيته حتى أمرت ، ولا قبضت روحه حتى استأمرت وإن لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحداً

    قال النبي صلى الله عليه و سلم : و الذي نفسي بيده لو يرون مكانه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم
    ولبكوا على أنفسهم , حتى إذا حمل الميت على النعش رفرفت روحه فوق النعش وهو ينادي : يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال من حله و من غير حله ، ثم خلفته لغيري فالمهناة له و التبعة عليّ فاحذروا ما حلّ بي

    وروى جعفر بن محمد عن أبيه قال : نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ملك الموت عند رأس رجلاً من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ارفق بصاحبي فإنه مؤمن ، فقال ملك الموت : يا محمد طيب نفساً وقر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق ، واعلم أن ما من أهل بيت مدر ولا شعر في بر ولا بحر ، إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم لأنفسهم ، والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح, ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها , فقال تعالى : و لو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة , فالله تعالى الخالق الباري سبحانه خالق الكل الفاعل حقيقة لكل فعل , قال الله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها , وقال جلّ وعزّ: الذي خلق الموت و الحياة
    وقال عزوجلّ : يُحيي ويُميت
    فملك الموت يقبض الأرواح والأعوان يعالجون الروح ، والله يزهق الروح . وهذا هو الجمع بين الآية والحديث ، لكنه لما كان ملك الموت مُتولي ذلك بالوساطة والمباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك

    و في صحيح مسلم أيضاً : عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إذا مر بالنطفة إثنتان وأربعون بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وشعرها وجلدها ولحمها وعظامها . ثم يقول : أي ربّ ! أذكر أم أنثى ؟
    ألا تراه سبحانه و تعالى قد أضاف إليه الخلقة الحقيقية و قطع عنها نسب جميع الخليقة . فقال تعالى : ولقد خلقناكم ثم صورناكم
    إلى غير ذلك من الآيات مع ما دلت عليه قاطعات البراهين إذ لا خالق لشيء من المخلوقات إلا رب العالمين . و هكذا القول في قوله تعالى: ثم يرسل الملك فينفخ ففيه الروح
    أي أن النفخ فيه سبب يخلق الله فيه الروح والحياة وكذلك القول في سائر الاسباب المعتادة فانه بإحداث الله تعالى لا بغيره فتأمل ذلك . هذا هو الأصل و تمسك به ففيه النجاة من مذاهب أهل الضلال و القائلين بالطبائع وغيرهم ، وأن الله هو القابض لأرواح جميع الخلق على الصحيح ، وأن ملك الموت وأعوانه ما هم الا وسائط

    و ذكر أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه احياء علوم الدين : أنّ مَلّكُ الموت ومَلَكُ الحياة تناظرا فقال ملك الموت : أنا أميت الأحياء , وقال ملك الحياة : أنا أحيي الموتى . فأوحى الله إليهما : كونا على علمكما وما سخرتما له من الصنع . وأنا المُميت والمُحيي لا مُميت و لا مُحيي سواي

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه, قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن ملك الموت لينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة . قال : إذا ضحك العبد الذي بعث إليه قال : يقول عجباً بعثت إليه لأقبض روحه و هو يضحك والله أعلم



    رابعا: باب ما جاء في سبب قبض ملك الموت لأرواح الخلق




    وروى الزهري ووهب بن منبه وغيرهما ما معناه : إن الله أرسل جبريل عليه السلام ليأتيه من تربة الأرض فأتاها ليأخذ منها فاستعاذت بالله من ذلك فأعاذها ، فأرسل ميكائيل فاستعاذت منه فأعاذها ، فبعث عزرائيل فاستعاذت منه فلم يعذها فأخذ منها ، فقال الرب تبارك و تعالى : أما استعاذت بي منك ؟ قال : نعم . قال : فهلا رحمتها كما رحمها صاحباك ؟ قال : يا رب طاعتك أوجب علي من رحمتي إياها . قال الله عز و جل : اذهب فأنت ملك الموت سلطتك على قبض أرواحهم, فبكى فقال: ما يبكيك ؟ فقال : يا رب إنك تخلق من هذا الخلق أنبياء وأصفياء ومرسلين ، وإنك لم تخلق خلقاً أكره إليهم من الموت ، فإذا عرفوني أبغضوني وشتموني , قال الله تعالى: إني سأجعل للموت عللاً و أسباباً ينسبون الموت إليها ولا يذكرونك معها ، فخلق الله الأوجاع و سائر الحتوف .
    و قد روى هذا الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : رفعت تربة آدم من ستة أرضين, وأكثرها من السادسة ولم يكن فيها من الأرض السابعة شيء لأن فيها نار جهنم قال : فلما أتى ملك الموت بالتربة قال له ربه : أما استعاذت بي منك؟
    الحديث بلفظه و معناه ذكره القتيبي و زاد فقالت الأرض : يا رب خلقت السماوات فلم تنقص منها شيئاً و خلقتني فنقصتني

    فقال لها الرب : وعزتي وجلالي لأعيدنهم إليك برهم وفاجرهم ، فقالت : وعزتك لأنتقمنّ ممّن عصاك , قال : ثم دعا بمياه الأرض مالحها وعذبها وحلوها ومرها وطيبها ومنتنها فسقى منه تربة آدم ، فأقام يخمره أربعين صباحاً ، وقال آخرون : أربعين سنة لم ينفخ فيه الروح ، فكانت الملائكة تمر به فيقفون ينظرون إليه ، ويقول بعضهم لبعض : إن ربنا لم يخلق خلقاً أحسن من هذا وإنه خلق لأمر كائن ويمر به إبليس اللعين فيضرب بيده عليه فيسمع له صلصلة ، وهو الصلصال الفخار ، فقال إبليس : إن فضل هذا عليّ لم أطعه وإن فضلت عليه أهلكته ، هذا من طين وأنا من نار

    وقد قيل : إن الذي أتى بتربة الأرض إبليس , وإن الله بعثه بعد ملكين ، فاستغاثت بالله منه ، فقالت : إني أعوذ بالله منك ، ثم أخذ منها و صعد إلى ربه فقال : ألم تستعذ بي منك ؟ فقال : بلى يا رب . فقال الله عز و جل : وعزتي لأخلقن مما جنت يداك خلقاً يسؤوك ، و الله أعلم


    فصل: ما جاء أن الروح إذا قبض تبعه البصر


    اخرج الامام مسلم، عن أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة ، وقد شق بصره فأغمضه , ثم قال : إن الروح إذ قبض تبعه البصر

    وأخرج الامام مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الميت أول ما يشق بصره لرؤية المعراج وهو سلم بين السماء و الأرض من زمردة خضراء أحسن ما رئي قط ، فذلك حين يمد بصره إليه


    فصل: ما جاء في تزاور الأموات في قبورهم واستحسان الكفن لذلك


    أخرج الامام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا كفن أحدكم أخاه فليُحسن كفنه إن استطاع

    وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتباهون و يتزاورون في قبورهم

    و قال ابن المبارك رحمه الله : أحب إليّ أن يكفن في ثيابه التي كان يُصلي فيها



    خامسا : باب الإسراع بالجنازة و كلامها



    أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول : إذا وضعت الجنازة و احتملها الرجال على أعناقهم . فإن كان صالحة قالت : قدموني قدموني . و إن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان و لو سمعه لصعق . و قد تقدم من حديث أنس أنها تقول : يا أهلي و يا ولدي الحديث

    وأخرج الامام بخاري ومسلم , عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه , وإن تك سوى ذلك , فشرّ تضعونه عن رقابكم

    فصل : صعق : مات . و الإسراع قيل معناه : الإسراع بحملها إلى قبرها في المشي و قيل : تجهيزها بعد موتها لئلا تتغير ، والأول أظهر لما رواه النسائي , مرفوعا الى عيينة بن عبد الرحمن قال : حدثني أبي قال : شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة و خرج زياد يمشي بين يدي السرير ، فجعل رجال من أهل عبد الرحمن و مواليهم يستقبلون السرير و يمشون على أعقابهم و يقولون : رويداً رويداً بارك الله فيكم . فكانوا يدبون حتى إذا كنا ببعض الطريق لحقنا أبو بكرة رضي الله عنه يمشي على بغلة . فلما رأى الذين يصنعون حمل عليهم ببغلته و أهوى عليهم بالسوط . فقال : خلوا فو الذي كرم وجه أبي القاسم لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و إنا لنكاد نرمل بها رملاً . فانبسط القوم ، صححه أبو محمد عبد الحق


    و روى أبو داود من حديث أبي ماجدة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سألنا نبيناً محمداً صلى الله عليه وسلم عن المشي في الجنازة . فقال : دون الخبب إن يكن خيراً تعجل إليه و إن يكن غير ذلك فبعداً لأهل النار
    ذكره أبو عمر بن عبد البر وقال : و الذي عليه جماعة أهل العلم في ذلك الإسراع فوق السجية قليلاً ، و العجلة أحب إليهم من الإبطاء ، و يكره الإسراع الذي يشق على ضعفه من يتبعها
    وقال إبراهيم النخعي : نصوا بها قليلاً ولا تدبوا دبيب اليهود و النصارى

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024 - 4:02